responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 498
حتى لا تجادل مع سفهاء الأنام ولان ولدها يكفى مؤنة جوابها ثم لما ظهر امر ولادتها وشاع بين الأنام قصتها فمكثت مدة نفاسها في غار كان هناك وبعد ما انقضت وطهرت
فَأَتَتْ بِهِ اى بولدها قَوْمَها تَحْمِلُهُ اى ولدها على صدرها فلما رأوها معها أخذوا في لومها وتقريعها حيث قالُوا معيرين عليها منادين لها على سبيل التوبيخ والتلويم يا مَرْيَمُ الصالحة العفيفة المشهورة بالعصمة في بيت المقدس لَقَدْ جِئْتِ بالآخرة شَيْئاً فَرِيًّا منكرا بديعا شنيعا من غاية الشناعة والفضاحة
يا أُخْتَ هارُونَ هو رجل صالح او طالح نسبوها اليه تهكما وقيل هي من أولاد هارون أخ موسى نسبوها اليه وان تطاولت المدة بينهما ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ منسوب الى الفواحش والزنا والخروج عن الحدود وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا زانية فاجرة بل كلاهما من أصلح القوم وأزكاهم عن الفواحش والفسوق فكيف أنت ومن اين اكتسبت هذا وبعد ما تمادى تعييرهم وتشنيعهم
فَأَشارَتْ مريم إِلَيْهِ اى الى ولدها بان قل لهم في جوابهم ما يفحمون به ويسكنون بل يتحيرون ويبهتون ولما رأوا اشارتها اليه وتفويضها الجواب نحوه قالُوا على سبيل الاستهزاء كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا رضيعا لم يعهد من مثله التكلم قد خجلت أنت واستحييت أنت تدفعيننا بهذا الرضيع مع انه معصوم لا ذنب له
ثم لما رأى عيسى اشتداد اللائمين على امه بالتقريع والتشنيع واضطرار أمه واضطرابها من لومهم أخذ في الجواب بالهام الله إياه حيث قالَ مفصحا معربا على وجه الفصاحة والبلاغة الكاملة قولا مشتملا على الحكمة البالغة لا تعيروا ايها الجاهلون عن امرى وعلو شأني أمي العفيفة الكاملة المتناهية في العصمة والعفة ولا ترموها بما لا يليق بشأنها وبجلالة قدرها ومكانها عند الله إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ الحكيم المتقن في أفعاله المستقل في حكمه وآثاره قد خصنى بفضله بالنبوة والرسالة وأيدني بأنواع الكرامات والمعجزات الخارقة للعادات وابدعنى من محض جوده من روحه وأرسلني نحو عباده بالهداية والإرشاد الى توحيده لذلك آتانِيَ الْكِتابَ اى الإنجيل النازل من عنده على لترويج رسالتي وإرشادي وتتميم تكميلى وهدايتي وَبالجملة قد جَعَلَنِي نَبِيًّا مثل سائر الأنبياء
وَايضا جَعَلَنِي مُبارَكاً نفاعا كثير الخير والبركة لأهل الصلاح من البرية أَيْنَ ما كُنْتُ وحيثما توطنت وجلست معهم يصل خيرى ونفعي إليهم وَمن كمال تربية الله وتزكيته إياي قد أَوْصانِي وأمرني بِالصَّلاةِ والميل التام والتوجه الكامل نحوه بعموم الجوارح والأركان وَالزَّكاةِ اى التخلية والتطهير عن جميع الرذائل والخبائث المتعلقة للنفوس البشرية المنغمسة بالعلائق الدنيوية المبعدة عن صفاء الوحدة الذاتية ما دُمْتُ حَيًّا بروح الله الذي قد ابدعنى منه خالصا صافيا عن جميع الكدورات وأوصاني بما أوصاني عناية منه لأكون باقيا على صفائى وطهارة لاهوتي بلا كدر من خبائث الناسوت
وَقد جعلني ايضا بَرًّا بارا محسنا بِوالِدَتِي ممتثلا بأمرها قائما بخدمتها خافضا جناح الذل من الرحمة إياها والحمد لوليه الذي رباني سعيدا على الطهارة الكاملة والصلاح التام وانواع الكرامة والفلاح والتذلل والتواضع مع عموم عباده وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً متكبرا متجبرا على الناس شَقِيًّا بعيدا عن روح الله مستجلبا لعذابه
وَمتى سلمني الله وطهرني عن جميع ما يعوقنى عن مقتضى صرافة الوحدة الذاتية الإلهية المعبرة عنها بروح الله قد عاد ورجع السَّلامُ عَلَيَّ اى سلام الله وحفظه دائما على من لدنه يَوْمَ وُلِدْتُ عن أمي بان حفظت عن مس الشيطان بي وَيَوْمَ أَمُوتُ سيحفظنى من شره ووسته ايضا وَيَوْمَ أُبْعَثُ للحشر

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 498
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست